المشاركات

عرض المشاركات من فبراير, 2022

حرائق صغيرة في كل مكان (مراجعة)

صورة
  لا يُحتمل بأي حال من الأحوال اختزال رواية حرائق صغيرة في كل مكان إلى رواية مكان فحسب. ولكن بالرغم من ذلك لا يمكن تجاهل الحضور الطاغي والمستمر لمدينة "شايكر هايتس" على مسرح الأحداث.  فكما يقول عالم الإجتماع البولندي زيجمونت بومان:  "حول الأمكنة تتشكل التجربة البشرية وتُكتشف، وتُدار مشاركة الحياة، ويتشكل معناها، ويُستوعب، ويُتفق عليه؛ وحول الأمكنة، ومن الأمكنة، تتشكل الدوافع والرغبات البشرية، وتتبلور، وتعيش على أمل التحقق، وتُخاطر بالتعرض للإحباط والإخفاق."    الأزمنة السائلة؛ صــــ 97،98 وتتكشف الأحداث هنا بما يجعل لـ"مدينة شايكر" ذلك الطابع الميثولوجي في خلفية الأحداث. فالمدينة هنا كائن أسطوري بتاريخ ذي معنى وهدف، لا يقل أهمية عن معماريتها أو الخدمات المتوفرة بها. وتمثل المدينة بتاريخها وقواعدها هويةً لساكنيها وأسلوبًا حياتيًا كاملًا. وما يعزز محورية المكان في نسيج القصة هو المقال الذي استهلت به "سيلست إنج" الكتاب؛ فالمقالُ المنشور في جريدة الـ"كوزموبوليتان" يحمل طابعًا تبشيريا إلى حد بعيد، ووعد بحياة يوتيوبية في مدينة "شايكر هاي...

سِفر الظلال

صورة
  في البدء، وقبل كل شيء،  كان الظلام،  وخُلِقتُ أنا ظلًا.  و كظلٍ،  ذوبتُ في الغسق. وفي البحر الأسود، تهادى وجودي العذري، في سلامٍ، مستقرًا على القاع. ثم حدثتْ الأشياء، وانبثق من العتمة نورٌ،  وبقيت أنا، على حالي، ظلًا. لكن ما تغير حينها،  وللمرّة الأولى،  أنني ميزتُ وجودي. وتلك كانتْ الخطيئة الأولى. عدنٌ كانت الظلام، وكنت أنا ظلُّ آدم.  وعندما هوى إلى الأرض، تكشّفتْ لي سوءتي: أدركتُ،  للمرة الأولى، أنني، أنا. ارتجفتُ. طفقتُ اتدثر باللّيل، وحاولتُ، عبثًا، أن ابتلع النجم. لكن وعيًا لم ينحسر، وقلبًا لم يهدأ.  صرختُ: لماذا؟! لَمْ أشعر بقلبي يرتج، أو سمعته يبكي، قبلًا، فلِمَ الآن؟ ولمْ يجف حلقي، ولمْ يتدافع اللُهاث، حارقًا، في صدري، قبلًا، فلمَ الآن؟ والآن:  صرتُ أسمع وأرى، صرتُ أتحدث وأتحسس، صرتُ مرئيًا. وقعتُ في الخطيئة،  ولمْ أرتكبها.  لقد فعلها آدم،  فما ذنبي؟!  وأنا؟ أنا لمْ أشتكي، ولمْ أنشد معرفةً مُحرَّمةً، ولمْ أقرب ثمرة الخلود. كل ما أردته: أن أكون،  في سلام. دون تعقيد، أو تكليف. ألّا تُعرَف حدود ج...